مبدأ ضرورة العمل -جريدة مصر العربية

بقلم محمد الدكروري 

 

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، الحمد لله الكريم الوهاب، الحمد لله الرحيم التواب، الحمد لله الهادي إلى الصواب مزيل الشدائد وكاشف المصاب، الحمد لله فارج الهم وكاشف الغم مجيب دعوة المضطر، فما سأله سائل فخاب، يسمع جهر القول وخفي الخطاب أخذ بنواصي جميع الدواب، فسبحانه من إله عظيم لا يماثل ولا يضاهى ولا يرام له جناب هو ربنا لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المرجع والمتاب، وسبحان من إنفرد بالقهر والإستيلاء، وإستأثر بإستحقاق البقاء، وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء، وأشهد أن لا إله إلا الله ثم أما بعد يرسخ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مبدأ ضرورة العمل وأنه باب المغفرة ويوجه أصحابه إلى ذلك قائلا " من أمسى كالا من عمل يده بات مغفورا له " رواه الطبراني، ويؤسس هذه القاعدة الجليلة في المكاسب. 

 

بقوله صلى الله عليه وسلم " أطيب ما أكل المؤمن من عمل يده " بل جعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في العمل نوعا من أنواع الجهاد في سبيل الله تعالى، فعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال " مر على النبي صلي الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان " ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المجتمع كله في العمل، لا يأنف من أي عمل يدوي يقوم به ما دام مشروعا وذلك في زمان قد أنف فيه كثير من الأحرار أن يعملوا لأن ذلك حرف العبيد لديهم. 

ففي صبا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد خرج في رحلات متتابعة للتجارة في مال السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وقبلها كان يخرج في رحلة الشتاء والصيف إلى اليمن أو الشام مع عمه أبي طالب، وقد رعى الغنم في مكة قبل بعثته المباركة، وقال في ذلك " ما بعث الله نبيّا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه وأنت؟ فقال نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" رواه البخاري، وفي بناء المسجد النبوي الشريف تتجلى قيمة العمل في الإسلام حيث يقوم رأس الدولة ذاته بالعمل في البناء وبذل الجهد بيده، ولم يتخذ له حجابا ولا عليه من دون البناة وحمّال الحجارة، بل كان يحمل معهم فلما رأى الأصحاب ما لا مثيل له في قيادات البشرية، قالوا " لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل " وكذلك في غزوة الأحزاب كان صلي الله عليه وسلم يمسك المعول بيده الشريفة. 

 

ويفتت به الحجارة الصماء في شق الخندق، وكان الصحابة الكرام يرون الغبار على جلدة بطنه الشريف صلى الله عليه وسلم، وفي بيته المبارك حيث تنزلات الملائكة وأنوار العبادة تتجلى قيمة العمل في الإسلام، كما روى عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما أنه سأل خالته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها بقوله " قلت لعائشة يا أم المؤمنين أي شيء كان يصنع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت ما يفعل أحدكم في مهنة أهله يخصف نعله ويخيط ثوبه ويرقع دلوه " رواه ابن حبان، هذا وصلوا علي سيدنا حبيبنا محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم "من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي الحسنين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

كاريكاتير