بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد يا أيها المسلمون فإن السحر داء قديم من أدواء الأمم وأشهر أمم الأرض تعاطيا للسحر هم اليهود حيث ألصقوا بنبي الله سليمان عليه السلام السحر والشعوذة فكذبهم الله بقوله.
" واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر، وما أنزل على الملكين ببال هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرق به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون" وأما عقوبة الساحر، فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الساحر يقتل إذا ثبت أنه ساحر، وإذا قُتل لم يغسّل ولم يكفّن ولم يدفن في مقابر المسلمين، ولا ينبغي التوقف في قتل الساحر، سواء قيل بكفره وهو الصحيح أم لا، لأن هذا هو الثابت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفي قتله منع من الإفساد وردع لغيره من السحرة، وقد روي عن جندب رضي الله عنه مرفوعا.

" حد الساحر ضربة بالسيف" رواه الترمذي وقال الصحيح أنه موقوف، وفي البخاري، كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " وصح عن أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقُتلت" فإنه عباد الله داء السحرة والمشعوذين، تلكم العزائم والرقى والعقد والطلاسم التي تؤثر في الأبدان والقلوب فتمرض وتقتل وتفرق وتهدم، وتفسد وتدمر وتري المسحور النافع ضارا والضار نافعا، وللسحر أنواع مختلفة وطرائف متباينة تتعدد بتعدد الإستعانات التي يستعين بها الساحر في تحقيق غرضه، ولذا قال العلامة الشنقيطي رحمه الله " أعلم أن السحر لا يمكن حده بحد مانع جامع، لكثرة الأنواع المختلفة تحته ولا يتحقق قدر مشترك بينهما يكون جامعا لها، مانعا لغيرها ومن هنا إختلفت عبارات العلماء في حده اختلافا متباينا"
وإن من أعظم ما أصيبت به البشرية منذ قديم الزمان هو السحر فبه يتسلط شياطين الجن على بني آدم فيضلونهم ويوقعون بهم الأذى في دينهم ودنياهم، فتعاطيه وطلبه كبيرة من كبائر الذنوب تصل إلى الخروج من دائرة الإسلام، فالساحر الذي يتصل بشياطين الجن لا يتعلم السحر حتى يجعل دينه قربانا لهم، فلا يخدمونه ويقضون حوائجه إلا إذا كفر بالله، وتقرب لهم بما يخرج به عن الإسلام، من عبادة الشيطان كالذبح له أو بعمل عمل يخرج به من الإسلام كإهانة المصحف، وقد يتساءل سائل ما الذي يجعل الشياطين يقومون بخدمة سحرة الإنس وينفذون أمرهم؟ فالجواب هو أن الشياطين بسبب فساد طبعهم يبحثون عن الضرر وإلحاقه بالآخرين، وخصوصا إذا كان يحصل لهم بهذا الضرر نفع معنوي.
فإذا ناداهم الساحر بألفاظ التعظيم وأقسم عليهم بأسماء عظمائهم وتقرب لهم بالذبح ونحوه، حصل لهم نفع معنوي وهو شعورهم بالعزة لإحتياج الإنس لهم، وإذلال أنفسهم لهم، وهم يعلمون أن الإنس أشرف منهم وأعظم قدرا، فإذا خضعت الإنس لهم وإستعاذت بهم كانوا بمنزلة أكابر الناس إذا خضعوا لأصاغرهم ليقضوا لهم حاجاتهم فأعطوهم بعض حاجاتهم، فلذا كلما كان الساحر أشد إيغالا بالكفر كانت خدمة شياطين الجن له أكثر، وظهر على يديه من السحر أشد مما يظهر على يدي غيره.
Author: احمد رامي
رئيس مجلس الادارة
أضف تعليق