بقلم د محمد محسن
منذ اللحظة التي يضع فيها الأب يده على كتف طفله لأول مرة، تبدأ رحلة جديدة لا تشبه أي رحلة أخرى.............
ليست رحلة رفاهية، ولا هي مغامرة عابر إنها معركة حياة، يخوضها الأب كل يوم في صمت، بملامح ثابتة وقلب يشتعل بالمسؤولية...............
........الأب لا يستيقظ صباحاً بحثاً عن نفسه فقط ..........
بل بحثاً عن قوت أولاده، عن مستقبلهم، وعن الأمان الذي يريد أن يراه كبيراً مثل قلبه..........

يقاتل الأب في ميادين كثيرة في العمل، في الحياة، وفي مواجهة الظروف التي لا ترحم. يقاتل بلا ضجيج، بلا شكوى.............
يقاتل كأنه جندي واقف على الحدود، يعلم أن تراجعه خطوة واحدة تعني سقوط بيتٍ كامل خلفه. ...........
وعلى الرغم من قسوة الأيام، يظل الأب يوزع الطمأنينة على أهل بيته. يخفي حزنه كي لا يراه أولاده، ويخفي تعبه كي لا يقلقوا، ويخفي خوفه كي يشعروا بالأمان..............
كثيراً ما يتألم الأب بصمت، وكثيراً ما ينهزم داخلياً، لكنه يعود واقفاً لأن هناك من يعتمد عليه...........
الأب مدرسة في الصبر، ورمز في التضحية، وصوت عقل حين تشتعل الفوضى. وقد لا يقول "أنا تعبت"، ولا يطلب تقديراً صريحاً..................
لكن قلبه يحتاج كلمة شكر، ولمسة امتنان، ونظرة تقدير تعيد إليه بعضاً مما يعطيه بلا مقابل..............
وفي زمن تتغير فيه القيم وتتبدل فيه الموازين، يبقى الأب سنداً لا يعوض. وجوده أمان، ونبله نعمة، وصبره جدار يحمل فوقه كل أحلام الأسرة...............
وفي النهاية الأب ليس مجرد لقب، بل رسالة كبيرة تبدأ من أول صرخة طفل ولا تنتهي إلا عندما تتوقف دقات قلب الأب نفسه............
فاحفظوا الآباء، فهم يقاتلون كل يوم لكي لا نشعر نحن بأي معركة....................