غلمان لا يموتون-جريدة مصر العربية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الجنة ونعيمها، ونعيم الجنة صنعه الله تعالى بيده، وأن من نعيم الجنة الذي يجعلنا نشتاق إليها هو نساء الجنة، حيث أن نساء الجنة أعظم بجمالهن وحسنهن فإنهن محورات العيون ملألآت الخدود، تكسوهن النضرة ويملؤهن الجمال، أخاذات بنظراتهن وساحرات بحسنهن. 

قاصرات بطرفهن وطاهرات مطهرات، وروي عن بن عباس رضي الله عنهما أنه قال " لو أن حوراء أخرجت كفها بين السماء والأرض لافتتن الخلائق بحسنها، ولو أخرجت نصيفها، أي خمارها، لكانت الشمس عند حسنها مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها، ولو أخرجت وجهها لأضاء حسنها ما على الأرض" وأحد التابعين يقول وكله إشتياق إلى الجنة وحورها لأشترين حورية من الحور العين بثلاثين ختمة للقرآن لا أنام حتى أختم هذه الثلاثين ختمة، ويختم تسعا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات أهل الجنة تأتي فتركله برجلها، وتقول " أتخطب مثلي وعني تنام، ونوم المحبين عني حرام، لأنا خلقنا لكل امرئ

 كثير الصلاة كثير القيام" فقام بعدها، وأكمل ذلك وإجتهد، وقال برحمة الله لأجتهدن إلى أن أنال هذه، إلى أن أنال هذه الحورية. 

 

وهذا أبو سليمان الدارني ينام ليلة من الليالي، عابد زاهد عبد الله، وأخلص لله، وصدق مع الله، يمني نفسه بما في الجنة من نعيم، فيقول في ليلة من الليالي نائما والنفس أحيانا تحدث بما ترغب وبما تريد وبما تحب، قال فرأيت فيما يرى النائم كأن حورية جاءتني، وقالت ما هكذا يفعل الصالحون يا أبا سليمان أتنام وأنا أربى لك في الخدور من خمسمائة عام، لا إله إلا الله فما نام بعدها إلا قليلا، جد وطلب ليلحق بها، وكما أن من نعيم الجنة الذي يجعلنا نشتاق إليها هو ولدان الجنة، وقال ابن كثير رحمه الله، يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة، مخلدون أي، على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، وقال ابن عباس رضي الله عنهما " غلمان لا يموتون " وقال ابن القيم رحمه الله، قال أبو عبيدة والفراء. 

 

مخلدون لا يهرمون ولا يتغيرون، وقال والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط إنه لمخلد، وإذا لم تذهب أسنانه من الكبر قيل هو مخلد، وقال ابن القيم وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلقة، وفي كونه منثورا فائدتان، إحداهما هو الدلالة على أنهم غير معطلين، بل مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم، والثانية هو أن اللؤلؤ إذا كان منثورا، وخصوصا على بساط من ذهب أو حرير، كان أحسن لمنظره وأبهى، من كونه مجموعا في مكان واحد، وقد إختلف العلماء فيمن يكون هؤلاء الولدان، فروي عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن البصري أن المراد بالولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة، وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة. 

 

وقال الحسن لم يكن لهم حسنات يجزون بها، ولا سيئات يعاقبون عليها، فوضعوا في هذا الموضع، وقيل إن هؤلاء الولدان أنشأهم الله لأهل الجنة يطوفون عليهم كما شاء من غير ولادة، وهذا القول الأخير هو الذي إرتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد سئل رحمه الله عن الولدان هل هم ولدان أهل الجنة ؟ فأجاب الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة، ليسوا بأبناء أهل الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة يكمل خلقهم كأهل الجنة على صورة آدم أبناء ثلاث وثلاثين سنة، في طول ستين ذراعا، وقد روي أيضا أن العرض سبعة أذرع.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

كاريكاتير