مصدر العشق الحقيقي _ مصر اليوم العربية


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر أن هناك تساؤلا بلاغيا حول العلاقة بين جمال الخالق وجمال خلقه، والإجابة بأن حب الله تعالي للجمال هو مصدر العشق الحقيقي، ولكن إنشغال العباد بالدنيا وشهواتها، أو بسبب عدم فهمهم للجمال الحقيقي الذي يتجاوز المادي إلى ما في الروح والتقوى، يجعلهم لا يعشقون هذا الجمال، وهناك أيضا تفسيرات أخرى بأن الجمال قد يكون فتنة يصرف الناس عن حب الله، وأن الحب الحقيقي هو العشق الروحي الذي يتطلب فهما ووعيا، وأن جمال الله هو مصدر كل جمال، ومن يدرك ذلك يعشق هذا الجمال الإلهي بكل جوارحه، والجمال هو فتنة تصرف الناس عن طريق الله، بينما الجمال الحقيقي هو ما يتجسد في التقوى والروح الطيبة، وهي ليست فتنة لمن يفقهها، وهناك الجمال المحسوس مقابل الجمال المعنوي، وهو العشق الحقيقي الذي يتجاوز الجمال المادي المرئي.

إلى جمال الروح والأخلاق والتقوى، وفي بعض الأحيان يتحول الجمال إلى فتنة يصرف الناس عن حب الله، وأن العشق الحقيقي للجمال هو عشق الله تعالي الذي يبلغ الإنسان ذروة السعادة والتقوى، والعشق للجمال هو حب الله الذي يتحقق من خلال فهم عميق للجمال الحقيقي في الكون والإنسان، وكما أن الحب الحقيقي يربط بين الجمال المادي والروحي، فهو لا يقف عند الماديات، ولقد إختلف العلماء في معنى الجمال المذكور في الحديث " إن الله جميل يحب الجمال " فقيل إن معناه أن كل أمر الله سبحانه وتعالى حسن جميل، وله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، وقيل جميل بمعنى مجمل ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع، وقال الإمام المناوي "إن الله جميل" أي له الجمال المطلق جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال، "يحب الجمال" أي التجمل منكم في الهيئة.

أو في قلة إظهار الحاجة لغيره، والعفاف عن سواه، والمسلم يظهر نعمة الله عليه، ويقول الله تبارك وتعالى " وأما بنعمة ربك فحدث " ولكن لا يصل الأمر إلى أن يسرف المسلم في لباسه أو مركبه بحيث يصل إلى حد التبذير فيقول تعالى " ولا تبذر تبذيرا " وكثير من الناس يتخذ الحديث ذريعة للنظر إلى الجمال الحرام، وإن الجمال محمود ومرغوب فيه إلا حينما يكون مظنة لأن يتخذ وسيلة لهدم مكارم الأخلاق فإن الإسلام يمنع الإستمتاع به، ولذلك فإنه يحرم النظر إلى بعض الصور الجميلة، والإستماع إلى بعض الأصوات الجميلة حين يكون ما فيها من جمال ذريعة إلى هدم المكارم، ولهذا حرم النظر إلى زينة النساء لغير محرم أو زوج لأن الإستمتاع بجمالهن قد يكون وسيلة إلى هدم الفضيلة، وأباحه للمحارم لأن هذه العلة منتفية في حقهم، وأباحه للأزواج.

بل ودعاهم إليه لأنه إستمتاع حلال، وقد يكون وسيلة إلى الإمتناع عن الحرام، وكذلك الأصوات الجميلة قد يرتبط جمالها بخاصة فيها، أو في المستمتع بها، تثير مشاعر الرذيلة، أو تكون ملهية عن فضيلة، فخضوع النساء بالقول قد يثير الطمع فيهن وإن كن أزواج نبي، ولذلك منعن منه حيث قال الله تعالي " يا نساء النبي لستن كأحذ من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " ولنستمع إلى الشاعر عمر بهاء الدين الأميري وكان رحمه الله قد جاءته فتاة غذيت بفكر غير سليم وقالت له ما رأيك بقول الشاعر خلقت الجمال لنا فتنة وقلت لنا يا عباد اتقون، وأنت جميل تحب الجمال، فكيف عبادك لا يعشقون، فأجابها الشاعر المؤمن خلقت الجمال لنا نعمة وقلت لنا يا عباد اتقون، فإن الجمال تقى، والتقى جمال ولكن لمن يفقهون، ومن خامر العشق أخلاقه.

تأبى الصغار وعاف المجون، وهذا هو الجمال الحقيقي نأي عن الصغار والمهانة، وبعد عن المجون والرذيلة، أما أن يصور الرجل ذليلا يركع تحت أقدام داعرة وينسى رجولته وكرامته من أجلها، أو أن تهدر المرأة كرامتها من أجل لقمة عيش بزعمها، فإن هذا جنوح وشذوذ يجب أن يوقف، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يدخل الجنة من كان في قلبه حبة من كبر" فقال رجل يا رسول الله، إنه ليعجبني أن يكون ثوبي جديدا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا، قال وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه، فقال " ذاك جمال، والله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من بطر الحق وإزدرى الناس" وجاء في تحفة الاحوذي للمباركفوري وصحيح مسلم بشرح الامام النووي "إن الله يحب الجمال" وفي رواية " إن الله جميل يحب الجمال.

أي حسن الأفعال كامل الأوصاف، وقيل أي مجمل، وقيل جليل، وقيل مالك النور والبهجة، وقيل جميل الأفعال بكم والنظر إليكم يكلفكم اليسير ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه، وقال المناوي إن الله جميل أي له الجمال المطلق جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال، يحب الجمال أي التجمل منكم في الهيئة أو في قلة إظهار الحاجة لغيره والعفاف عن سواه.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

كاريكاتير