بقلم _ عبدالشكور عامر
كلام ليس له محل من الإعراب
وخلط بين حضارة المصريين التي جمعت بين الرقي والتقدم والتحدي والأخلاق والإنسانية في أبهى صورها وبين موقف نشاز لحاكم وحيد ظن نفسه الهاً من دون الله .
لقد خلط الداعية مصطفى العدوي بينهما إما بجهل او عن قصد وفي كلتا الحالتين فهو يمثل الفكر المتطرف الجامد والصوت النشاز للدعاة .
ومما أثار دهشتي أن العدوي يدعي الوسطية ويقدم نفسه للجمهور على أنه رجل حداثي منفتح على الآخرين والمخالفين له في الرأي والفكر ، بينما هو بهذا التصريح الخارج عن سياق الوسطية يعلن الحرب على حضارة شهد لها القاصي والداني والعدو قبل الصديق بأنها أعظم ما انتجت البشرية وبلا منازع ينحني لها الجميع اجلالاً واحتراماً وانبهاراً بما تركته وما أنتجته وصورته ودونته منذ آلاف السنين .

إن خطاب العدوي وهجومه على الحضارة المصرية القديمة يتفق تماماً مع ما يردده أعداء الوطن والأمة المصرية وتشويه متعمد لما ينجزه المصريون كل يوم ، ومحاولة للتقليل من شأنها والتقليل من حجم هذا الحدث التاريخي الذي أضاف لمصر مزيداً من البهاء والشموخ والتميز بما تركه لها اجدادنا العظماء من علوم وآثار حيرت وما زالت تحير العقول والقلوب وتجعل من ينظر إليها أو يقف أمامها مزهولاً مبهوراً حتى جعلت الحليم حيراناً في فك طلاسمهاً .
إن حضارة مثل هذه الحضارة المصرية القديمة جديرة بأن نفتخر بها مهما عوت حولها أعداء الحضارات او تربصت بها عقول السفهاء وقلوب متحجرة لا ترى جمالها وأناقتها وعراقتها الضاربة في عمق التاريخ البشري منذ آلاف السنين .
ولما لا ؟ وقد وقف أمامها من هم خير من العدوي ديناً وأقوى إيمانا وأكثر جهاداً واعمق فهماً وادراكاً بنصوص الشريعة واركان الإيمان والعقيدة مبهورين بها وبعظمتها منذ أن رأوها وابصرت عيونهم نورها الساطع في الأفق .
هل كان العدوي افضل وأكثر فهماً وإيمانا وحرصاً على الدين من عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وعقبة بن نافع وكبار الصحابة واصحاب بدر الذين روت دمائهم ارض مصر الطاهرة عندما جاؤوا إلى مصر فاتحين مبشرين أهلها بالإسلام ونوره وسماحته!!
فتحوا مصر وصالوا بها وجالوا وسكنوا مدنها وقراها وسهولها وجبالها ورأو بأعينهم حضارتها الشامخة بكل انواعها وصورها واهراماتها التى خلد بها المصريون تاريخهم وما تركوه لنا وللعالم من علوم لم تنفك معظم أسرارها حتى اليوم .
وكل يوم يكشف لنا المصريون القدماء من خلال آثارهم أنهم كانوا موحدون مؤمنون بالله والبعث بعد الموت والجنة والنار والحساب بعد البعث والقيام من الموت للحياة الاخرى .
الم يقرأ العدوي حوار إمرأة العزيز مع الملك وهى تؤكد لنا في حوارها إيمانها بالله وخوفها من الكذب والخيانة وان الله سوف يحاسبها إن هى أصرت على ظلمها ليوسف عليه السلام " وما ابرئ نفسي إن النفس بأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي " " ذلك ليعلم أني لم اخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين "
إن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين فتحوا مصر لم يفعلوا مثل ما فعل الرومان او المغول او الصليبيون الذين دمروا حضارات من سبقهم في كل بلد احتلوها ، ولم نقرأ او نسمع عنهم أن أحدا منهم تعرض لحضارة المصريين بالسوء بالقول أو بالفعل ، لكنهم على العكس من ذلك وقفوا أمامها مبهورين بعظمتها وقوتها وإتقان صنعتها ومدحوا مصر والمصريين بكل مافيها من علم وتقدم وحضارة أرخت بظلالها الوارفة على البشرية من جنوب الدنيا الى شمالها ومن شرقها إلى غربها .
ولم نسمع لعالم او مؤرخ او ملك او حاكم او خليفة مسلم صوتاً او رأياً نشازاً مثل ما سمعنا اليوم من عواء على أعظم حضارة في تاريخ البشرية .
فلماذا هذا التصريح للعدوي وفي هذا التوقيت وكأننا لا نعلم أن فرعون ادعى الألوهية !!
هل يعلمنا العدوي عقيدتنا التى يعلمها الصغير قبل الكبير والأمي قبل العالم !!
هل يذكرنا ما نسيناه؟ أم أنه يحاول أن يستغل قضية الولاء والبراء ليفسد على المصريين فرحتهم وفخرهم بحضارتهم !!
أم جائته تعليمات اولياء نعمته بأن يكب التراب على اللبن ليعكر صفوه ويثير حالة من الجدل بين الأمة المصرية وقت فرحتها واحتفالها بعرسها الحضاري!!