بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إنه لم يرد في الشرع ما يدفع المؤمن إلى أن يتمنى الموت إلا في حالات يذكر فيها دعاءا مخصوصان أما الأصل في المؤمن أنه يسارع في الخيرات ويسابق في الطاعات ويعمل العمل الصالح هذا الذي كلفنا الله تعالي به، وأخرج الإمام أحمد في المسند من حديث أبي أمامه رضي الله عنه وأرضاه قال " وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرققنا، أي أثر فينا حديثه، فبكى سعد رضي الله عنه وأرضاه فأكثر من البكاء ثم قال سعد، أي سعد ابن أبي وقاص قال "يا ليتني مت"
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا سعد لا تقل هذا فإنك أن كنت قد خلقت للجنة فمهما طال من عمرك وحسن من عملك فهو خير لك" وهذا توجيه نبوي كريم منه صلوات الله وسلامه عليه المؤمن مطالب بأن يسارع في الخير ويعمل الصالح وليس مطالب بأن ينهي نفسه ويقتلها ويظن أن وراء ذلك الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بادروا بالأعمال سبعا فهل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" فقوله صلى الله عليه وسلم " بادروا بالأعمال " أي سارعوا في الأعمال الصالحة قبل أن يمنعكم عنها مانع ثم ذكر عليه الصلاة والسلام جملة من الموانع فالفقر ينسي لأن الإنسان إذا كان فقيرا إنشغل بقوته ورزقه ودفع دينه.
ومنعه ذلك من أن يعبد الله تعالي على الوجه الأكمل والنحو الأتم بالغالب، وإذا كان غنيا طغى عليه غناه فإنشغل بعقاراته وتجارته وأسهمه وأرباحه وشغله ذلك عن طاعة الرب تبارك وتعالى على الوجه الأكمل والنحو الأتم، وإن كان مريضا عجز عن الحج والعمرة والصيام وأمثال ذلك من الطاعات لمرضه، وإن كان هرما دخل في الخرف فلا يدري الليل من النهار فكيف سيصلي ويصوم، وإن كان الموت فهو مجهز قاض عليه وبه تطوى صحائف الأعمال إلا ما إستثناه الشارع منه، والدجال لا فتنة أعظم منه، والساعة نهاية الأمر وقيام الحساب وكل ذلك لا عمل فيه، فهذا جزء من التوجيه النبوي الكريم بالمسارعة للخيرات وقد نقل الأخيار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه أنه لما حضرته الوفاة بكى فقيل له " ما يبكيك يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال.
" أبكي على ظمأ الهواجر، أي أبكي على أنني لن أستطيع أن أصوم بعد اليوم، أبكي على قيام ليل الشتاء، لأنني بعد موتي لا أستطيع أن أقوم بعد اليوم، أبكي على مزاحمة العلماء بالركب، لأن حضور مجالس العلماء وحضور مجالس تدارس القرآن كل ذلك مما تغشى بها السكينة وتنزل به الملائكة ويعظم به الأجر " فلم يتأسف معاذ رضي الله عنه على دينار ولا درهم ولا على زوجة ولا على ولد ولكن تأسف على ما سيفوته من عمل الصالح رغم أنه رضي الله عنه وأرضاه من أعظم الصحابة قدرا وأجلهم مكانة وأكثرهم علما رضي الله عنه وعن أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين.
أضف تعليق