حرمة تقديم الرأي على الكتاب والسنة -جريدة مصر العربية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، " وإنك لعلي خلق عظيم" أما بعد بين أيدينا بيان حرمة تقديم الرأي على الكتاب السنة النبوية الشريفة، فإنه حرام على أي مؤمن أو مؤمنة أن يقدم رأيه قبل الكتاب والسنة، أو يقدم رأيه علي كتاب الله وسنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، وكذلك أيضا وجوب تقوى الله عز وجل، أي في الخوف منه، حتى يثمر ذلك الخوف خشية الله تعالي وحبه، ويثمر طاعته بفعل ما يأمر به وترك ما ينهى عنه، فيقول الله تعالي كما جاء في سورة الحجرات، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.

 

 

" يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم " فإن سبب نداء الله عز وجل لأهل الإيمان دون غيرهم، وأن الله تبارك وتعالى ينادي المؤمنين بعنوان الإيمان، فهو لم يقول يا أيها الناس، ولا يقول أيها العرب، ولا أيها المواطنون، وإنما قال تعالي " يا أيها الذين آمنوا " أي يا من آمنتم بالله ربا، فحييتم بإيمانكم، وأصبحتم أهلا لأن تفهموا وتعوا وتقدروا على العمل والترك معا، لأن المؤمن حيي بإيمانه، يسمع ويفهم، فإذا أمره الله تعالي أطاع، ففعل ما أمر به، وإذا نهى إنتهى عن فعل ما نهي عنه، فالمؤمنون أحياء، والكافرين أموات، وإن غاصوا في الماء أو طاروا في السماء، والبرهنة على أنهم أموات أنهم لا يسمعون نداءات الله تعالي، ولا يستجيبون لله عز وجل، لا بالفعل ولا بالترك، فهم ليس لهم حياة، وإنما هم أموات وهم لا يشعرون. 

 

ومن شك في هذا فليرجع إلى القانون الإلهي، فإنه يجد أن أهل الذمة من اليهود والمجوس والنصارى تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله لا يؤمرون بصلاة ولا بزكاة، ولا بصيام ولا بحج، ولا بعمرة ولا بجهاد أبدا، ونحن لا نأمرهم لأنهم أموات، ونحن لا نأمر الميت أن يجيب ويفعل، فأهل الذمة الذين يعيشون تحت رايتنا في أي إقليم من أقاليمنا الإسلامية إذا أهل هلال رمضان فإننا لا نأمرهم بالصيام، وإذا نادى المنادي أن حي على الصلاة، فإننا لا نأخذه إلى المسجد يصلي لأنه ميت، بل إذا نفخنا فيه الروح وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فهنا نأمره بالغسل فيغتسل، وبالجهاد فيجاهد، وبالصلاة فيصلي، وأما وهو ميت فلا تقل له قم يا ميت صلي، فنحن لا نخاطب الجنازة بين أيدينا، فهذا عبث، ونحن موقنون أن الكافر ميت ليس بحي أبدا.

وهو لا يحيا إلا إذا عرف وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فهذا إن قلت له اخرج من مالك خرج، وإن قلت له ادفع بنفسك في معركة الإستشهاد فعل، لأنه حيي، ولم يعد ميتا، وأما وهو ميت فلا تأمره وتنهاه، وهذا هو سر النداءات الإلهية لعباده المؤمنين، وإن حياته هذه سببها إيمانه بالله تعالى وبلقائه، ولله لقاء معنا، ولنا لقاء مع الله تعالي وجها لوجه في ساحة فصل القضاء، وذلك يوم القيامة، والمؤمن هو الذي آمن بالله وآمن بلقائه في اليوم الآخر، واسمعوا أن الله تعالى يقول كما جاء في سورة الطلاق " ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " وحتى النساء أمرهن أن لا يكتمن الحيض، وأن يعلن عنه لحاجة تتطلب ذلك، وقد قال الله تعالي " في سورة البقرة " إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر " فالذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر فهو ميت لا خير فيه. 

 

والحجارة خير منه وأفضل ولا نبالغ في هذا، فالحجارة خير منه، بل القردة والخنازير خير منه، والدليل على هذا الحكم حتى لا يقول أحد هذا الكلام باطل، فالله عز وجل يقول في سورة البينة " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية " والمراد من البرية وهي الخليقة، بمعنى المخلوقة، فشر الخلق هم الكافرون من أهل الكتاب والمشركين، والذي حكم بهذا الحكم هو الله تعالي، ولا أحد يرد على الله عز وجل، فالخليقة من الحشرات والزواحف والعقارب إلى السباع إلى النمور وجميع الحيوانات والطيور لم تعصي ربها، ولم تفسق عن أمره، ولم تخرج عن طاعته، فقد سن لها الله تعالي سننا وهي تمشي عليها إلى أن تنتهي.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

كاريكاتير